الخميس، 25 مارس 2010

الواسطي رحلة من ضمير التاريخ .. إلي بوابة الحداثة
مدينة الواسطي هى عاصمة مركز الواسطي بوابة بني سويف الشمالية وحدودها مع القاهرة الكبرى – وهي واحده من عواصم الروح في كل العصور مع مسيرة التاريخ منذ فجره الباكر .ضمها أوزوريس إلي أرضه المقدسة في أبو صير الملق .. وبني بأرضها صرح خلوده سنفرو في أول روائع تاريخ معجزات الخلود - هرم ميدوم - وترك مهندسوه العظام معجزاتهم الهندسية في معابدها الباقية والمطمورة والدراسة .أعجب بها التاريخ في جبانة أبوصير ومنحها 120 فدان كاملة لدفن أسرتين كاملتين لاتزال مفاجآت الفراعنة تنطلق من أرضها ولاتزال متاحف مصر والعالم تكتب أسم قراها وصحاريها وملوكها وفراعينها .قدمت شهداء المسيحية الأوائل في وجود سيوف الرومان وظلمهم الباطش العنيد في دير الميمون وأعطتهم أعناق رهبانها وناالقس و قمن العروس والميمون وكفر إبجيج و أفوه كما رأست العديد من الكنائس المصرية من كرس كنيسة ماري جرجس في صحراء أبوصير – واستضافت مروان بن محمد في انطلاقته إلي صعيد مصر أمام تدافع العباسيين ولاتزال عظامه مع نهاية تاريخ أسرته العريقة في ثراها إلي الآن كما قدمت لدنيا كلها فكرة الدير وفلسفته وبرامج عباداته وأوراد عباده من ضمير أنطونيوس بن قمن العروس .كما أعطت مصر مؤسس الهيئة الإنجيلية الأول وفيلسوفها .ومع سطوع نور الإسلام علي ثوبها الرائع وقلبها الرائق الشفيف اختضنت رمالها في أبوصير الملق اثواب رسول الله صلي الله عليه وسلم حينا خبأها خادم مروان بن محمد أخر حكام الأمويين علي أمل أن ينجو بها ويهرب إلي الحجاز أو فجاج الأرض الواسعة وختم ترابها أخر الفصول السياسية لدولة بني أمية بموت مروان بن محمد ودفنه في ترابها .. كما ضمت جثمان أعظم الوزراء والأدباء في تاريخ اللغة العربية وهو عبد الحميد الكاتب وزير مروان الذي لايزال قبره لغزاً في عمق بلورة الأسرار لم يكتشفه أحد أو يتعرف عليه حتى الآن !!كما فتحت للدنيا أعظم المادحين لسيد المرسلين صلي الل ه عليه وسلم الأمام البوصيري الذي لا يخلو يوم واحد من زمان الأرض دون أن يتلوا أبياته العباد والمحبين اللاهجين بالصلاة والسلام علي سيد العالمين وخاتم المرسلين وعلي كرسي الشافعية الثاني الشاهق العظيم جلس أبو يعقوب البويطي بعد أن أوصي به الأمام الشافعي أماماً لمذهبه من بعضه دون مئات الألوف من أتباعه – كما منحت مصر الإسلام ولدها الأمام الأطوابي بروائعه وإبداعاته في تقديم علوم الدين ورأست كرس التصوف للطائفة الجنيدية العريقة ولم تزل في الميمون 0وفي عصرنا الحديث ساهمت الواسطي الفكر والوجدان والثقافة في صياغة الروح المصرية الواعية مع إبداعات أبي الرواية العربية عثمان جلال من ونا القس وابدعت مئات الشعراء وعلي رأسهم الشاعر محمد توفيق رفيق وشاعر النيل حافظ إبراهيم في الإبداع 0كما قدمت للوطنية المصرية علي امتداد مسيرتها فرسان الثورة ومقاتليها مع عرابي في التل الكبير يحملون المال والقتال والسلاح .. وأعطت ثورة 1919 في بني سويف أقوي أحداثها التي هزت تاج الدولة البريطانية وعرشها التي لا تغرب عنه الشمس علي محطة الواسطي التي سجلتها وثائق السفارة البريطانية بالقاهرة ووثائق خارجيتها في لندن بالنار والنور !!كما جندت كتيبة رائعة من الأبطال لم يمل التاريخ من ذكرهم .. الجنيدي .. ومصطفي الوكيل الذي وحد العرب في أوربا والعالم وراضي و حسن يس والريدى 0وأعطت ثورة يوليو منفذها الأول ومطلق ماردها يوسف صديق .. من زاوية المصلوب وعبد المجيد فريد من قمن العروس 0 كما وهبت مصر مسيرة ضخمة من الوزراء اللامعين من الميمون وكوم أبو راضي وميدوم وقمن العروس وغيرها من قري المركز بجانب العشرات من المفكرين والمبدعين والفنانين ورجال الفكر والاعلام بالأذاعة والتليفزيون المصري والعربي والعالمي 0الواسطي بلورة الأسرار وأم القرى ذات الشأن في تاريخ مصر القديمة – هي ذاتها التي تملك علي مستوى التاريخ والجغرافيا حركة الحياة وطبيعة المكان وعناصر الأرض وعديد من المقومات النادرة التي تجعلها المدينة الواعدة للمستقبل ووادي التنمية والاستثمار كما كانت في الماضي المدينة الواعدة لكل عصور التاريخ 0وتمتلك الواسطي كنوز بكراً من الموارد الأرضية والمائية والتاريخية والبشرية والاستثمارية عموماً في صحاريها وأرضها البراح ونيلها المتسع وأصالة شعبها ذي التقاليد العريقة والموروثات الثقافية التي تتصف بالأصالة وتاريخها النضالي وأحلامها في المناطق الصناعية الجديدة التي تؤهلها مع امتداد مصانع كوم أبو راضي لأن تكون قاعدة لانطلاق الصناعة كما كانت قاعدة لانطلاق التاريخ وهذا ما يحاوله المخطط القومي والمحلي رغم محدودية الإمكانيات والفكر التخطيطي أيضاً 0
مدينة الواسطي .. الإسم .. والمسمي
مع إنطلاق ثورة يوليو 1952 كان البكباشي جمال عبد الناصر يستقل قطار الرحمة الذي سيره الضباط الأحرار لزيارة مديريات مصر لتتعرف عليهم الجماهيرويثبتوا أركان حركتهم الثورية شعبياً 0وعند محطة الواسطي داعب عبد الناصر رفيقة الصاغ عبد الحكيم عامر وهو يشير إلي اللافتة التي تتقدم محطة الواسطي – ومثبت عليها أسم " الواسطي" قائلاً: يا عبد الحكيم البلد دي لازم نلغيها – وضحك الرجلان 0كان عبد الناصر يشير إلي شعارات الثورة المتدافعة في إلغاء المحسوبيات والرشاوى والواسطة والفساد – وأصطنع من أسم الواسطي هذه النكتة لأن الزعيم الشاب والذي كان خطيباً ومثقفاً يعلم أن ما كان يعنيه هو "الواسطة" بمعني التدخل لتضيع الحقوق والانتفاع بالارتشاء – وليس المسمي الشعبي "الواسطي" فالأسماء عادة لا تؤول ..إلا إن أسم المدينة عاصمة المركز كانت له رحلة مع الاسم والمسمي .. فتؤكد العديد من المراجع المعتمدة أن قاعدة مركز الواسطي في الأصل الجغرافي كانت بلدة قديمة اسمها الأصلي "جزيرة الوسطا" وقد تسبب انحدار الماء بشدة وجريان النيل بنشاط في الناحية الشرقية من مجراه أن بعدت هذه الجزيرة عن الشاطئ الشرقي من النيل .. واقتربت بشكل بطئ ومتوالي من الشاطئ الغربي حتى اتصلت به واندمجت مع سطحه- ويؤكد هذه التفاسير ما ورد عنها في كتاب وصف السلطان قنصوه الغوري المحرر في عام 911 هجرياً حيث أثبتها الكتاب المذكور باسم " الواسطي" من أعمال الجيزية – مما يؤكد تبعيتها وقتها لأقاليم الجيزة - محافظة الجيزة حالياً - كما أثبتتها المراجع التاريخية الصادرة عام 1320 هجرية باسم "الوسطا" وهو أصح هذه المسميات وأرجحها في الصحة - وقد تناقل الاسم بعوامل الحذف والإضافة – شأن كافة التركيبات اللغوية والعديد من طوفان الكلمات المتعددة – فكان أسمها علي لسان العامة "الواسطي" التي حركت الابتسامة المشتركة للثائرين الشابين جمال عبد الناصر و عبد الحكيم عامر تراهما يقيمان الدنيا ويقعدانها ضد المحسوبية و "الواسطة" بمعني الوساطة – ليفاجئهما اسمها الشعبي ( الواسطي ) علي محطة مدخل رحلتهما إلي الصعيد- ومنذ أول يناير عام 1886 أصبحت المدينة قاعدة لمركز الواسطي الحالي - وكان الوالي محمد علي مؤسس مصر الحديث – قد أمر عام 1833 ميلادية بتقسيم القطر المصري كله 14 مديرية – وكانت المديرية تشبه في نظامها الإداري نظام المحافظات الحالي وتضم مجموعة من المراكز الإدارية وقد عرفت المديرية العاشرة في هذا النظام باسم مديرية "نصف أول واسطي " وقاعدتها مدينة بني سويف - ولم يلبس عام 1854 ميلادية أن شاهد تحولاً إدارياً جديداً عبر عن فكر واحتياجات هذه المرحلة حيث تم تقسيم مديرية بني سويف الأقاليم الوسطي إلي قسمين – عرف القسم البحري منهما باسم مديرية بني سويف وقاعدتها مدينة بني سويف - وبانطلاق ثورة يوليو عام 1952 شهدت مديرية بني سويف تحولاً جديداً حيث استبدلت أسم المديرية والتي كان مدير عام الأمن رئيسها الإداري وقتها باسم المحافظة ويرأسها المحافظ وأصبحت محافظة بني سويف تتكون من ثلاثة مراكز أساسية هي مركز بني سويف ومركز ببا ومركز الزاوية "الواسطي" - أما مركز الزاوية " الواسطي " فقد صدر قرار أنشاؤه عام 1844 ميلادية باسم قسم الزواية وكان مقره قرية زواية المصلوب التي تم ضمها إدارياً مؤخراً إلي مدينة الواسطي ليصبح واحد من أحيائها الإدارية الحالية – وكان مركز الزاوية "الواسطي" وقت إنشائه يشمل بلاد من قسم بني سويف - ولقد شهدت قرى المنطقة تبعيتها لمركز الزاوية "الواسطي"وتعاملها الإداري علي أرض زاوية المصلوب الحالية حتى عام 1886 حيث نقل المركز إلي بلدة الواسطي مع بقاء أسمه القديم "مركز الزاوية" "الواسطي"- وفي الثالث من ديسمبر عام 1889 أصدر وزير الداخلية منشوراً خاص بتعديل الأوضاع الإدارية في مركز الزاوية "الواسطي" باسم مركز الزاوية اعتباراً من أول من يناير سنة 1890 ميلادية – إلا أن وزير الداخلية أصدر قراراً بعدها في العشرين من فبراير 1896 ميلادية بتسمية مركز الزاوية إلي مركز " الواسطي " لوجوده بها 0
الواسطي .. قصة الأرض !!!
قصة أرض الواسطي .. هي قصة جسد بني سويف الذي كونته عوامل الجيولوجيا مع ملايين السنين .. وأضفي عليها نهر النيل أسراره منذ آلاف الأعوام .. وصنع من غرين (طمي ) الحبشة ورحيق عمق تراب أفريقيا السمراء وتربتها الخصبة الناضحة بالخير والعطاء 0كما أنها قصة النهر الخالد الذي راح يدير جدلية رائعة مع الأرض شرقاً وغرباً ويفرغ أحمال صدره ثقيلة الخصوبة علي وجه أرضها الحالمة بالعطاء وينحت من أجناب الصخر شرقاً ويفرغ ريقه غرباً حتى أبدع مزرعة خالدة في بني سويف 0 كانت الواسطي من جواهرها المتلألئة بينما وضعتها الجغرافيا تاجاً علي رأس بني سويف من الشمال 0قامت الواسطي علي ضفاف حاضنها النيل كسائر مدن وقري مصر القديمة علي منطقة مرتفعة نسبياً حمتها من فيضان النيل الذي كان يغرق مساحات شاسعة علي ضفافه .. وإن لم يكن في المدينة القديمة ( الواسطا ) ولا الحديثة (الواسطي) أرضاً ترتفع تدريجياً أو تقوم علي تل مرتفع شأن قراها القديمة في أبو صير وقمن العروس وغيرها 0ورغم أن النهر كعادته ينحت في الجانب الشرقي دائماً ويلقي برواسبه في الجانب الغربى فلم تتكون جزر ذات شأن في أتساع النيل أمامها عكس ما حدث أمام مدينة بني سويف تاريخياً حيث تكونت جزيرة كبيرة أخذت تنمو وتتسع علي استمرار الأعوام وتحول النيل شرقاً إلي مجراه الحالي ولغي منه فرع ضيق كان يطلق عليه الأهالي الحوز ثم قامت في هذه الجزيرة أحياء كبيرة في بني سويف ...وأرض الواسطي وكتلتها السكنية الحالية علي ضفاف النهر – هي تكوين جيولوجي تاريخي تكون في أناه وتؤدة مع جسد أمها بني سويف في ذات الأم الكبيرة مصر المحروسة وقد بدأت رحلتها التي تكشف عنها توزيع الطبقات الأيو سينية التي تشغل الهضبة الصحراوية والتي تشئ بحدوث انخفاض عظيم لليابس توغل معه البحر جنوبا ً وغطس جزء كبير من مصر ومن بينها أرض بني سويف إلي أعماق عظيمة وأستمر ذلك لملايين السنيين ومع ولادة نهر النيل في عصر الميدسين ثالث عصور الزمن الثالث وتقدمه مع تقهقر البحر قام بنحت واديه العظيم خلال صخور العصور السابقة كما نحت روافده الجالية لرواسبها من جبال البحر الأحمر ودياناً عميقة وهي الوديان الجافة حالياً بالصحراء الشرقية كما أن حركة الانخفاض الكبيرة التي اعترت اليابسة في أخر عصور الزمن الثالث تسببت في توغل مياه البحر في نهر النيل وحولت جزءاً طويلاً من واديه إلي خليج مجري كان يمتد حتى اسنا وكانت أرض بني سويف جزءاً من هذا الخليج وهو ما يفسر وجود قطعاً من الصدف والمحار في أرض بعض الزمامات الزراعية بالواسطي حالياً وبارتفاع الأرض مرة أخري وتراجع ساحل البحر عاد النيل لينحت مجراه النهائي خلال الرواسب المتراكمة والحصاء والرمال التي جلبتها المجارى المنحدرة من الصحارى أما الطين الذي يغطي حالياً سطح وادي النيل في الواسطى فقد ترسب بواسطة مياه الفيضان خلال العصر الجيولوجي الحديث وأصبح يغطي الرواسب القديمة المؤلفة من الحصاء والرمال حيث يبلغ سمك الطمي والطبقات العليا من الرواسب حوالي عشرة أمتار0وجدير بالذكر أن هذا الطمي الذي أكسب الواسطي خصوبتها وانتاجية أرضها العالية وبالذات علي غرب النهر مباشرة قد ترسب خلال العشرة آلاف سنة الأخيرة إلا أن هذا الإرساب قد توقف بعد الانتهاء من بناء السد العالي مؤخراً 0وهكذا كانت رحلة أرض الواسطي مع أرض مصر الأم حينا شق نهر النيل مجراه في الهضبة الصحراوية حاملاً علي سطحه وفي ضمير الغرين – روح الخصوبة ــ والذي كان يقذف بها سنوياً في الجزء الأسفل من الوادي حيث تكونت مصر كنانة الله في أرضه - وإذا كانت مصر كما قال المؤرخ الشهير "هيرودوت" هبة النيل فإن صغيرتها "الواسطي" كذلك !!
بين النيل والسكة الحديد كانت قصة الواسطى
لاتمل دراسات الجغرافيا من وضع سيناريو على أساس علمى لقصة المكان كما أن الميادين التطبيقية عموما تسابقت منذ الستينات لتسخير دراساتها لأهداف تخطيطية حضرية و أقليمية 0قصة الواسطى ــ المكان ــ يحلو لكبار السن من أبنائها أن يعاودوا روايتها بما يشبه الأحاجى عن جدودهم .. كما تتباعد الروايات لتربط المكان بإمتدادتها الحالية فى جزيرة المساعدة وحتى زاوية المصلوب اللتان ضمتا لها مؤخراً لكن نسق الرويات يتشابه فى كثير من تفاصيله 0لكن علوم الجغرافيا تؤكد أن المكان عموما بتواجده البشرى الذى وصل إلى حجم القرية أو المدينة يتبع قواعد راسخة ترتبط بشخصية وطبيعة الأنسان ذاته وحاجاته الأساسية وفرصته فى الرزق والحياه والأمن 0وقصة الواسطى لاتخرج عن هذه الأستراتيجية التى تعمل بألية تدار فى طبيعة الكون الجغرافى كله .. فقد كان للمياه قديما أُثرها الواضح كما يؤكد الدكتور أحمد البدوى الشريف أستاذ الخرائط بأداب القاهرة فى بحثه حول التباعد والهيراركية الحجمية لمدن محافظة بنى سويف00 أنه كان للمياه قديما أُثرها الواضح فى ظهور المواقع التى احتلتها المحلات العمرانية منذ أقدم العصور بالإضافة إلى التوسع فى إنشاء شبكات خطوط السكك الحديدية مما كان له أثره الواضح فى تبلور بعض المواقع التى ظهرت كعواصم إدارية لمراكز مختلفة 0والواسطى واحدة من هذه النماذج التى عمل النيل وشبكة المواصلات الحديدية المتمثلة فى سكة حديد الواسطى على بلورة حياة مجتمعاتها القديمة والحديثة وبلورة كيانها الأول ولاتزال معظم مساكن الواسطى القديمة وحتى العديد من أسرها تنحدر إلى أصول خارجية من مدن وقرى مجاورة لجدود وأباء كانوا يعملون فى محطة السكة الحديد بالواسطى كمؤسسة مواصلات مركزية فى بنىسويف 0المسرح الجغرافى لأرض مدينة الواسطى الحالى ..نموذج لشرائط و مواصفات ميلاد المدينة أو المجتمع المستقر الكبير فقد أعدت الجغرافيا المنطقة بأمتياز سواء فى استواء السطح وفرص الإرساب النهرى القديمة التى هيأت للسكان فرصة الحصول على طعامهم ورزقهم ..وأنتظمت الواسطى فى القانون العام للعمران حيث انتشرت كمحل عمرانى فسرعان مااكتسبت صفة الحضر خاصة بعد أن دخلت المواصلات النهرية ثم السكة الحديد كعوامل جذب للعمالة والإقامة فتركزت بها النشاطات والخدمات مما جعلها أكثر نمواً من غيرها من المحلات الأخرى كما أن المسرح الجغرافى لمدينة الواسطى والذى تشاركه فيه منذ أنشائها مدن آخرى مثل بنى سويف والفشن ــ وهو الموقع المباشر على ترعة الابراهيمية ــ قد حقق لها أقصى الدراجات من المتطلبات الضرورية للعيش عن طريق الزراعة بجانب مايتمتع به المكان من ميزة سهولة التواصل والأمن ووجود الجماعة المستقرة وهو مايؤكد أن المسرح الجغرافى للواسطى والذى قامت عليه المدينة الحالية يعد فى ذاته أنعكاسا لقيمة هذا الموقع حيث ورثته المدينة كمكان متميز بالدرجة الأولى حقق لها فوق ماحققه ميزة أنها طريق هام للتجارة من المحلات المجاورة بجانب أنها مركز تسويقى لإنتاج مجتمعاتها المحلية 0وفى إطار بديهيات علوم الجغرافيا التى أكدت أبحاثها يأتى عامل توطن الصناعات والحرف كعامل رئيسى لجذب الأيدى العاملة من المناطق الريفية المجاورة ليعطى تراكما سكانيا وكثافة مستمرة لمدينة الواسطى فقد كانت الزراعة على الأرض البراح الحمالة بالغرين منذ الآف السنين بجانب رعاية الرزق القادم من عمر النهر ومتطليات مهنة الصيد وتجارة الأسماك وماتقوم عليها هذه النشاطات من نشاطات أخرى بجانب عمالة السكة الحديد الوظيفية والحراك الأقتصادى والإجتماعى جاءت الصناعات التى لاتزال هامشها محدود فى مدن بنى سويف عموماً ليعطى الواسطى ميزة الجذب السكانى لمجموعة من الصناعات المحدودة فى ورش كوم أبوراضى ومشروعات المنطقة الصناعية بصحراء الواسطى0 كما لايزال التنامى التجارى يحدث حراكا متصاعدا لأسواق الواسطى كأسواق تجارية أساسية تحتفظ بميزة المركز التسويقى لكثير من المحلات الجغرافية المجاورة على أطراف الجيزة والفيوم والقرى المجاورة وهو ما هيئ وجود قطاع تجارى يمثل أقتصاداً راسخاً ومتصاعداً بالمركز وقاعدته المدينة كما أن قرب الواسطى من القاهرة الكبرى (80 كم ) أغرى الكثيرين بنقل أنشطتهم المهنية والحرفية والتجارية إليها مما جعل المنطقة مركزاً لتقديم الخدمات المتكاملة للنازحين من أبناءها أو القادمين من خارجها على السواء 0
الواسطي .. شخصية المكان
رغم ما تحتفظ به الواسطي من حشد جغرافي هام لكن الذي تحسدها عليه مصر كلها هو وقوعها علي أقصي اتساع لنهر النيل العظيم منذ إقتحامه حدود السودان إلي الفرعين الشهيرين رشيد ودمياط 0فالواسطي تبدو في المساء للقادمين من الشرق أو الناظرين ليلاً من نوافذ طائرات الركاب .. لؤلؤة تتشعشع بالضياء الذي يتدحرج علي صدر النيل وهو يستكين في هدوء تحت قدميها كالمارد المتسع الصدر يحتضن شاطئها المفروش بالنور من حدود الجيزة وحتى قرية جزيرة أبو صالح بشرق النيل والتابعة لمركز ناصر حالياً 0 كما وتحتفظ مدينة الواسطي بخاصية نادرة لكتلتها السكنية حتى امتداد قرية جزيرة المساعدة التي أصبحت حالياً أحد أحياء المدينة ، وهي اقتحام جدران العشرات من بيوتها و مساكنها لصدر النيل مباشرة ودخولها في أمواجه الرائقة حيث تتبدي حصباؤه المغسولة من مياهه الشفيفه مع نسمات كل يوم قادم من نوافذ البيوت المتاخمة للمجري والمتداخلة مع أرضه في صباح ساحر ومساء عجيب يتبدي فيه النهر مجهولاً ومخيفاً .. وإن كان يتلألأ بالضياء!! وقد اتسعت مدينة الواسطي شمالاً وجنوباً بعد ضم قرى جزيرة المساعدة وزاوية المصلوب إلي المدينة إدارياً وأصبحتا من أحيائها الحالية التي يضمها المجلس الشعبي المحلي لمدينة الواسطي وتحظي بالخدمات الحضرية ومميزاتها المتعددة0 وتضم الوحدة المحلية لمركز الواسطي ستة وحدات محلية تضم بدورها 32 قرية ينتظيم في إطارها 132 تابعاً مكوناً من القرى الصغيرة والعزب والنجوع وتحتفظ الواسطي بواحدة من الفري ذات خصيصة مميزة بإعتبارها تتكون علي المستوى السكاني من 32 عزبة كبيرة فقط اتخذت أحدهما مقراً إداريا للعمودية وهي قرية منشأة أبو صير الملق التي أقيمت علي مساحة زراعية واسعة أنشأها الملاك أنفسهم علي مزارعهم الخاصة وأصبحت تحظي حالياً بالخدمات الإدارية والمواصلات وإن كانت تحتاج إلي جهود إضافية والوحدات المحلية الستة للواسطى هن قرى الوحدة المحلية لقرية الميمون (ويتبعها الميمون ونزلة الجنيدي وبني سليمان البحرية وبني حدير وبني نصير ، وقرية قمن العروس (ويتبعها قمن العروس وكفر إبجيج وبني غنيم وكوم إدريجة والديابية ) وقرية أنفسط ( ويتبعها قري( أنفسط وكوم أبو راضي وبني محمد البحرية وأبو يط وونا القس ) وقرية أبو صير الملق ( وتضم قري المعصرة وأبو صير والنواميس ومنشأة أبو صير ) وقرية ميدوم ( وتضم صفط الشرقية والغربية والحومة ) وقرية أطواب (وتضم عطف أفوة وجزيرة النور وأفوة وأطواب)0 ويحد مركز الواسطي من الشمال محافظة الجيزة وجنوباً مركز ناصر وشرقاً الشاطئ الغربي لنهر النيل وغرباً حدودها مع محافظة الفيوم لما ترتبط بعاصمة الجمهورية والمحافظة بشبكة جيدة من السكك الحديدية وتمتاز بخطها الحديدي الوحيد الرابط بين بني سويف ومحافظة الفيوم الأمر الذي جعل محطتها الحالية للسكة الحديد محطة مركزية تتقدم في تجهيزاتها وشكلها علي محطة سكة حديد المحافظة ذاتها !!ومدينة الواسطي تعد واحدة من المواقع الإستراتيجية الهامة علي المستوي القومي عموماً وفي مجال التنمية المستدامة ومشروعات الحراك الإجتماعي الحضاري والأقتصادي علي وجه الخصوص 0
فخلال حرب 1967 تم أنشاء ميناء بحري علي نهر النيل قام بدور كبير في نقل القوات من الغرب إلي الشرق لمهام عسكرية وتنفيذ مناورات أرهقت العدو وساعدت في نقل المؤن والذخائر إلي البحر الأحمر مما ساهم في صد القوات المتقدمة والتغلب علي محاولات العدو المتعددة طوال فترة الاستنزاف0كما أن كوبري الواسطى العملاق والذي يتم أنشاؤه حالياً سيوسع من فرصة الأندماج الحضاري بالأتصال مع مجتمعات قري الشرق المتاخمة لمحافظات الجيزة والبحر الأحمر ويعطي إتساعاً جغرافياً جديداً للحركة التجارية والمد الحضاري عموماً ويربط المركز بالأمتداد الشرقي حتى سواحل مصر الشرقية وحدود مياهها الأقليمية الدولية0وقد فرضت عبقرية المكان للواسطي واقعاً مميزاً للمدينة ومركزها الإداري علي السواء حيث لا تبتعد الواسطي عن العاصمة بأكثر من 80 كيلو متراً الأمر الذي جعل تأثرها الحضاري ناهضاً ومستمراً ظهر في ارتفاع نسبة التعليم العالي حتى قبل إنشاء جامعة بني سويف وكلياتها السابقة علي إنشائها 0وقد ترتب علي وضعها الجغرافي المميز مشاركتها التاريخية و الثورية للأحداث الوطنية بشكل مباشر وبتداعي سريع مع نبض الأحداث وتصاعد مؤشراتها في القاهرة العاصمة ونقلها إلي الداخل بجانب الأحداث القومية المحلية كما التصقت الواسطي وجدانياً مع محافظة الفيوم المكان والأنسان وصنعت تاريخاً مشتركاً في العديد من الأحداث وعلي وجه الخصوص إبان ثورة 1919 الشهيرة التي تضافرت فيها جهود ومشاعر أبناء الواسطي وعربان الفيوم في وقتاً واحداً ومتلازماً 0كما أتضح ذلك في الهجرات الكثيرة للعديد من رموزها إلي الشمال والنزوح للعاصمة ومحافظات الوجه البحري حتى الأسكندرية سواء لطلب العلم أو العمل الأمر الذي أعطي شهرة كبيرة للمتميزين من أبنائها في علوم الدين والأدب والفكر أمثال البوصيري والأبويطي والأطوابي وعثمان جلال وغيرهم .. بجانب تلاحم أصحاب الطبع السياسي من أبناء المركز مع القيادات السياسية المركزية للأحزاب أمثال عوض عريان المهدى و حسن ياسين و واصف غالي و مصطفي الوكيل وغيرهم من رموز مصر الوطنية و السياسية والعلمية من أبناء الواسطي 0هذا بجانب ما تملكه الواسطي من إمكانيات أرضية ومائية وصحراوية وأثرية وسياحية وبشرية هامة تؤهلها لأن تكون مدينة المستقبل في بني سويف0
من فوق أريكته ..وفى يده " التيلة " حكم الجد خليفة بنى غنيم ..قبائل سعادنة العرب فى مصر المحروسة حفلت الرحلة المتأخرة فى القرن التاسع عشر بقصص قيمية وأخلاقية عالية وحاشدة يحفظها عرب السعادنة عن رجالهم وكبرائهم وكان من طبيعة ثقافة المرحلة أن يكون للقبيلة رئيس أدبى كبير يمثل الرمز الذى يصون ويحفظ خبرات العرب المتراكمة فى التماسك ويجعل من وجودهم هيئة إجتماعية قوية ونسيج انسانى متماسك لذلك كان رئيس القبيلة وكبيرها فى قديم أيام المجتمع البدوى وحتى المجتمع الحضرى فى صحروات العرب التى كانت لاتعدم حواضرهم المشهورة هذا الرمز وكان الجميع يحافظون على وجوده ويفرضون سلطاته على أنفسهم اختيارا لدرجة وصلت معها هذه السلطات التنفيذية والادارية إلى درجة الاختصاص بقرار الحرب على القبائل الاخرى 0إلا أن استقرار الأصول العربية فى البلاد بعد وفودهم مع الفاتح العظيم عمرو بن العاص وحتى قبل هذه المرحلة مع رحلات الهجرة المتوالية إلى مصر الخضراء جعل هذه العشائر والأنساب تختلط وتذوب بعضها فى النسيج الإجتماعى والقومى العام بل واكتسبت ثقافتها البدوية وتقاليد مجتمعات البيئات الصحراوية " محلية " مصرية جديدة لكن فكر " التماسك " ومتطلبات " تكتيكات " الحفاظ على القوة العصبية والعرقية .. فرضت فى مصر نظاما خاصا ــ اصطلحت الأصول العربية على تسميته " بعمدة العرب " وكان عمدة العرب رئيسا أدبيا وليس مسئولا إداريا " كعمدة البلد " لذلك شاهدت قرية بنى غنيم أرض وفادة السعادنة من أبناء على غنيم التقاء النظامين لخصوصيتها الجامعة لأكبر تجمع لعرب السعادنة وهو الأمر الذى هئ لها الاحتفاظ بمنصب " عمودية السعادنة " بجانب عمدة القرية الإدارى شيخ العرب خليفة على غنيم اختاره سعادنة مصر كلها على أرض دلاته بنى سويف عمدة لهم وكان سعادنة مصر كما وصفهم المؤرخ " بوبير " فى كتابه وصف يقيمون فى بنى سويف فى قرى نزلة السعادنة بحاجر بنى سليمان ودنديل والبرج والدوالطة ودلاص والسيس وبنى عدى وابوصير وانفسط " منفسط القديمة " وقمن العروس بجانب سعادنة جزيرة النجد بقليوب ومحافظة القليوبية عموماً وضواحى القاهرة القديمة الجد خليفة كما يسميه عرب السعادنة كان رجلا متديناً يمثل الطبع العام لوجدان سعادنة العرب عموما ويحفظ خصوصيات الدستور غير المكتوب الذى فرضه سلوكاً وعرفاً الشيخ على غنيم الكبير ــ التدين - التماسك الأسرى - قيم الضيافة ــ وقد تناثرت أخبار متعددة لأفراد القبيلة - الأسرة حاليا - أو القرية الآن تخلط رواياتها أفعالاً قيمية وأخلاقية عالية لكل من شيخ العرب خليفة على غنيم وسليل الأسرة والمعاصر الشيخ خليفة على على غنيم 0إلا أن الروايات فى تعددها أكدت أن الرجل ذاته على أى الروايتين كان حازماً وحاسماً وأن حزمه وحسمه وصل إلى درجة الصرامة وعدم التسامح فيما يخص الجرائم التى تهدد التماسك الأسرى أو تبنى " العيب " الإجتماعى فى أبسط مظاهره وكان يعمد إلى نظام خاص للعقوبة مستخدما " التيلة " وهى نوع من السياط المجدولة من نسيج " التيل " القديم الذى كانت تنتشر زراعته فى القرى القديمة مثل دلاص وبنى عدى وأبوصير الملق كما وكانت أحكام عقوباته تستدعى وجود " التيلة " بشكل دائم على أريكة التى تمثل كرسى العمودية بديوان السعادنة وكانت الأحكام يحددها بنفسه ويقوم بتنفيذها فى وقت واحد ــ فهناك خطأ تقتضى عقوبته الضرب ثلاث " تيلات " والأخر خمسة عشر وهكذا كان هذا يحدث على المستوى الداخلى المحلى فى ولايته الأدبية على ابناء القرية القبيلة أما قبائل عرب السعادنة فى إطار " عموديته " فكان له دور أكبر إتساعا فقد كان يعد قاضى قضاه قبائل السعادنة ومرجعهم القانونى بالجمهورية وكانت أحكامه مشغوفة بسلطة أدبية طاغية تجعل مخالفتها مهددة لها من الذات مع هذا النسق الثقافى المنحدر من فكر القبيلة والذى يقدس الرمز لعلاقته بوجود الكل واستمراره كما كان يختص بتحرير شهادات " الأصل العربى " كوثيقة هامة يصدرها عمدة العرب لأفراد قبيلته أو أسرته الحالية تشهد بأصوله العربية وكانت هذه الشهادات تعفى وقتها من أداء الخدمة العسكرية بجانب ترتيب الزيارات المتبادلة ووضع برنامجها السنوى لتوثيق الأوامر ووضع المقترحات المتعددة لذلك والتى قد تصل إلى الزواج المتبادل والحل والترحال والإقامة إذا اقتضت الظروف لذلك حفظ القرأن فى صباه وحرص على تحفيظه لأبنائه وبناته أيضا وشارك فى أحداث هامه منها بناء مسجد ضريح البشاتوه وترددت روايات عن زيارة الولى العارف الشيخ محمد زوين له وللعمدة " نايف " وأمره ببناء الضريح والمسجد وأنه أوقف من أرضه الزراعية للبناء منها ماهوموثق حاليا بممتلكات هيئة الاوقاف المصرية 0وقد ترددت روايات كثيرة عن علاقته الشخصية بالزعيم احمد عرابى الذى قضى مرحلة من عمره تسبق الثورة العرابية فى المشاركة فى أعمال كوبرى قشيشة الشهير بعد أن تعرض لوشاية داخل الجيش أحالته إلى الأعمال المدنية لدرجة أن عرابى بعد رحيله للقاهرة حضر إلى بنى غنيم وشارك فى وضع حد لخلاف عائلى كبير كاد أن يحدث صداما بين السعادنة وبيت الصفراء شرق النيل لوجود نسب ومصاهرة بين الشيخ خليفة على وهذه الاسرة كما ترددت روايات رفعها سعادنة بنى غنيم إلى درجة الخبر المؤكد أنه دفن بعد موته فى موقع هو الآن بجوار منبر وقبلة مسجد " البشاتوه " 0