الخميس، 25 مارس 2010

الواسطي .. قصة الأرض !!!
قصة أرض الواسطي .. هي قصة جسد بني سويف الذي كونته عوامل الجيولوجيا مع ملايين السنين .. وأضفي عليها نهر النيل أسراره منذ آلاف الأعوام .. وصنع من غرين (طمي ) الحبشة ورحيق عمق تراب أفريقيا السمراء وتربتها الخصبة الناضحة بالخير والعطاء 0كما أنها قصة النهر الخالد الذي راح يدير جدلية رائعة مع الأرض شرقاً وغرباً ويفرغ أحمال صدره ثقيلة الخصوبة علي وجه أرضها الحالمة بالعطاء وينحت من أجناب الصخر شرقاً ويفرغ ريقه غرباً حتى أبدع مزرعة خالدة في بني سويف 0 كانت الواسطي من جواهرها المتلألئة بينما وضعتها الجغرافيا تاجاً علي رأس بني سويف من الشمال 0قامت الواسطي علي ضفاف حاضنها النيل كسائر مدن وقري مصر القديمة علي منطقة مرتفعة نسبياً حمتها من فيضان النيل الذي كان يغرق مساحات شاسعة علي ضفافه .. وإن لم يكن في المدينة القديمة ( الواسطا ) ولا الحديثة (الواسطي) أرضاً ترتفع تدريجياً أو تقوم علي تل مرتفع شأن قراها القديمة في أبو صير وقمن العروس وغيرها 0ورغم أن النهر كعادته ينحت في الجانب الشرقي دائماً ويلقي برواسبه في الجانب الغربى فلم تتكون جزر ذات شأن في أتساع النيل أمامها عكس ما حدث أمام مدينة بني سويف تاريخياً حيث تكونت جزيرة كبيرة أخذت تنمو وتتسع علي استمرار الأعوام وتحول النيل شرقاً إلي مجراه الحالي ولغي منه فرع ضيق كان يطلق عليه الأهالي الحوز ثم قامت في هذه الجزيرة أحياء كبيرة في بني سويف ...وأرض الواسطي وكتلتها السكنية الحالية علي ضفاف النهر – هي تكوين جيولوجي تاريخي تكون في أناه وتؤدة مع جسد أمها بني سويف في ذات الأم الكبيرة مصر المحروسة وقد بدأت رحلتها التي تكشف عنها توزيع الطبقات الأيو سينية التي تشغل الهضبة الصحراوية والتي تشئ بحدوث انخفاض عظيم لليابس توغل معه البحر جنوبا ً وغطس جزء كبير من مصر ومن بينها أرض بني سويف إلي أعماق عظيمة وأستمر ذلك لملايين السنيين ومع ولادة نهر النيل في عصر الميدسين ثالث عصور الزمن الثالث وتقدمه مع تقهقر البحر قام بنحت واديه العظيم خلال صخور العصور السابقة كما نحت روافده الجالية لرواسبها من جبال البحر الأحمر ودياناً عميقة وهي الوديان الجافة حالياً بالصحراء الشرقية كما أن حركة الانخفاض الكبيرة التي اعترت اليابسة في أخر عصور الزمن الثالث تسببت في توغل مياه البحر في نهر النيل وحولت جزءاً طويلاً من واديه إلي خليج مجري كان يمتد حتى اسنا وكانت أرض بني سويف جزءاً من هذا الخليج وهو ما يفسر وجود قطعاً من الصدف والمحار في أرض بعض الزمامات الزراعية بالواسطي حالياً وبارتفاع الأرض مرة أخري وتراجع ساحل البحر عاد النيل لينحت مجراه النهائي خلال الرواسب المتراكمة والحصاء والرمال التي جلبتها المجارى المنحدرة من الصحارى أما الطين الذي يغطي حالياً سطح وادي النيل في الواسطى فقد ترسب بواسطة مياه الفيضان خلال العصر الجيولوجي الحديث وأصبح يغطي الرواسب القديمة المؤلفة من الحصاء والرمال حيث يبلغ سمك الطمي والطبقات العليا من الرواسب حوالي عشرة أمتار0وجدير بالذكر أن هذا الطمي الذي أكسب الواسطي خصوبتها وانتاجية أرضها العالية وبالذات علي غرب النهر مباشرة قد ترسب خلال العشرة آلاف سنة الأخيرة إلا أن هذا الإرساب قد توقف بعد الانتهاء من بناء السد العالي مؤخراً 0وهكذا كانت رحلة أرض الواسطي مع أرض مصر الأم حينا شق نهر النيل مجراه في الهضبة الصحراوية حاملاً علي سطحه وفي ضمير الغرين – روح الخصوبة ــ والذي كان يقذف بها سنوياً في الجزء الأسفل من الوادي حيث تكونت مصر كنانة الله في أرضه - وإذا كانت مصر كما قال المؤرخ الشهير "هيرودوت" هبة النيل فإن صغيرتها "الواسطي" كذلك !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق