الخميس، 7 يناير 2010

الشهيد مجاهد عبد الواحد سعد ..ابن قرية بنى غنيم

استشهد فى قلب سيناء 1967 وسط بطولة الصمت المصرى !!

كانت سيرة الشهيد البطل مجاهد عبد الواحد سعد هى سيرة " الدم الصامت " الذى أريق فى عمق أرض سيناء بلاضجيج للنصر يسجل أحداث استشهاد أصحابه بسبب سواد أحداث هزيمة يوليه 1967 القاصمة والتى تعمد النظام المصرى يومها التهوين من كارثيتها وأطلق عليها اسم النكبة !!
كان عشرات الألوف من شهدائنا فى المواجهة ومنهم مجاهد عبد الواحد لا ينقصهم الحماس والرجولة ولا الإخلاص أو الوطنية لكن الرجال وضعتهم إدارة الجيش المتخبطة وقتها وغير المسئولة فى قراراتها المفاجئة والعشوائية وسط مآزق خطيرة ومدمرة وأوضاع عسكرية صعبة .. تركتهم بعدها لاصطياد ألة الموت الإسرائلية بلارحمة وأظهرتهم على شاشات وسائل الإعلام المرئية وصحف العالم المقروءة .. فلولا زاحفة من الأسرى تحت رحمة السجان الأسرائيلى المتغطرس !!
الله عزوجل وحده هو الذى كان يعلم حقيقة معاناة هؤلاء الرجال الذين وضعوا بين فكى الرحى وطواحين الدم بلا تكافؤ فى فرص القتال ويقظة الإرادة وكم من ألاف القصص التى تخلد الإنسان المصرى وتكرمه على المستوى العسكرى والشخصى والاستشهادى كانت تحدث يوميا فى مواجهة العدو الاسرائيلى لكن ستائر الهزيمة السوداء لم تدع اهتماما لقلم راصد يسجل أحداثها الباهرة وسط ما أصاب نفوس المصريين من مرارة وسواد الهزيمة
وكان من ضمن هؤلاء الشهداء بالطبع داخل عمق أرض سيناء الشهيد البطل مجاهد عبد الواحد سعد ابن قرية بنى غنيم مركز الواسطى
نشأ مجاهد وسط تقاليد قبيلته " السعادنة " وقد تلقى ثقافة عروبتها الأصيلة فى تمسكها بالقيم واعتزازها بالنفس مع التمسك العميق بسياج الأخلاق والأداب الأسرية التى تحرص على حب واحترام الآخر وتقدر الأداب وبحق من جواهر الرجال ..لم يتلق الفتى دراسة علمية منهجية فى مقتبل حياته ولعل طموحه الباكر لم يكن يسمح له باستكمال تعليمه فقد آثر العمل الحر واختار مهنة " الكهربائى " مصدر للقمة عيشه وكان له فى مجالها نجاح ملحوظ فقد كان " الأسطى " الشاب مجاهد عبد الواحد صاحب حظ واعد ومطلوب فى مجالها ساعدته على ذلك خلائقه المريحة وإنسانيته المتدفقة 0
كان قد ولد على أرض بنى غنيم عام 1943 ولم تمر على ذلك سنواته العشرون حتى استدعى للجندية لقضاء فترة تجنيده لثلاث سنوات كاملة مع أقرانه ممن لم يأخذوا حظا من التعليم المتوسط أو العالى 0
ويومها تم توزيع مجاهد على سلاح الصيانة لاستثمار خبرته الفنية فى مجال أعمال الكهرباء وكان الفتى سعيدا بذلك لتعميق خبرته والاستزادة من مجالات جديدة تفيده خارج الجيش وانخرط فى سلك الجندية الصعب قانعاً راضياً مسالماً0
لكن القدر كان يجهز لمجاهد شيئاً آخر ــ غير مجرى حياته ــ من طموح الشباب وأحلامه فى الارتباط بزوجة تنجب له أطفالاً ينثرون بين يديه فى ضحى غيطان بنى غنيم كالزهور اليانعة الفواحة إلى شهيد الجنة فقد كان مجاهد أحد أبطال الشهادة فى سجل الخالدين قبل أن يخلق الله الأرض ومن عليها 0
فقد تعاقبت الأحداث التى سبقت حرب يونيو 1967 المشئومة بسرعة وكانت المؤامرة بين الدول المستعمرة الحقودة على أشدها لإجهاض قوة الجيش المصرى وضرب مطاراته وكسر قوته الجوية والمدرعة وهدم روح أفراده المعنوية وتدمير صورة البطل التى سادت مجتمعات العرب لجمال عبد الناصر كمركز للتحرر الوطنى وجمع الشمل العربى ودعوة القومية العربية فى آ ن واحد 0
كان عبد الناصر يستشعر الخطر فعلا وقام بتنبيه قيادات الجيش عن احتمالات الحرب المؤكدة بل وحدد لهم من مصادر قريبة اليوم الموعود من أيام يونيو يوم الحرب لكن القيادة العسكرية التى استسلمت وقتها لفرق وشراذم متسلقة انتهازية عششت فى أركان القيادة ودعمت مصالحها الخاصة وهونت من الصراع العسكرى ولم تستعد للمواجهة كانت فى واد آخر ..جرف الجميع إلى هوان الهزيمة 0
كان مجاهد وسط كتيبة بسلاح الصيانة حينما صدرت الأوامر للتحرك إلى سيناء لكن أحدا لم يظن أن الحرب قادمة بالفعل أو هكذا كان قادة جيشنا وقتها وفجأة وجد مجاهد و كتيبته قيام الزلزال فى السماء والأرض عواصف النار المخطط لها بليل من العصابة الاستعمارية العالمية مع غيبوبة القرار العسكرى المصرى والارتخاء العسكرى الغريب الذى ساد قيادات الجيش وانعكس على أفراده وألويته ولم يملك مجاهد عبد الواحد سعد ابن غنيم إلا أن يواجه الموت والنار واللوم الإسرائيلى الذى نصب شباكه على أرض سيناء واجه ذلك بكل القوة والشهادة وسبق ذلك كله وهو يعارك كل هذه القوى المفاجئة مرددا مع الرجال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله انطلقت شهادة وعهد الاستشهاد مع طلقات سلاحه المحدد حتى ارتفعت روحه الطاهرة "إلى سماوات الفخار والاستشهاد وإن كان ميدان القتال فى الأرض قد انحدر إلى درك الهزيمة والانكسار 0

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق